العائلة، الجرح والضمادة
،لم تكن صورهم، كثيرة
على جدران الغرف
وفي ألبومات العائلة
،كانت العتبات
وراءهم، مغمورة بالمياه
ألبوم العائلة يليه العابر في مظهرٍ ليليّ لإدوارد هوبر
(2003) بسام حجار -
مقدمة
،تتقصّى هذه النشرة موضوعة صورة العائلة بصفتها مرآة لذواتنا
،وهي دعوة إلى تأمل الإرث العائلي، الجذور، الأفراح والأتراح
علاقات البعد والقرب، الألفة الحلم، والطقوس الحميمة
بانعكاساتها وآثارها العاطفية التي تخلّفها في نفوسنا وتشكّلنا؛
.وكيف تتقاطع حيواتنا جميعًا حين يتعلق الأمر بمفهوم العائلة
كما نؤكد من خلالها
:على الواجب والدور المحوري للعائلة نحونا
.خلق ذاكرة شخصية يُعوّل عليها
فعل التجمّع حول المائدة:سلسلة صور، 2024، رؤى مفرح
:نظرة عامة
ألبوم العائلة، أو لماذا نجلس مع الصورة؟
تشغل الصورة الفوتوغرافية دورًا جوهريًا
في تكوين وبناء الذاكرة العائلية بشكل خاص، إذ تضعنا
في مواجهة مباشرة مع الواقع المعاش وتوفر مواد بصريّة خام
.نستطيع من خلالها صياغة/إعادة صياغة تاريخ العائلة
ذاكرة العائلة لا توجد ببساطة "هناك" فهي ليست محتوى ذاكري مخزن"
في أرشيف عائلي - ولكن بدلًا من ذلك، يتم إنتاج نسخ من الماضي العائلي
بشكل جماعي، مرارًا وتكرارًا في اللحظة الحاضرة، من خلال أعمال ملموسة
".من التواصل والتفاعل
(إيرل، 2011، ص. 117، كما ورد في إركونان، 2016، ص. 262)
قد تتسم الصورة بالجمود، ولكنها ذاكرة حيّة
ومتغيّرة على الدوام، ليس بفعل تحريفها بالضرورة، بل بفعل
اختلاف ذهنيّة وزمنيّة النظر إليها، ففي كل مرة يتكشّف لنا
معنىً خفيّ، يؤدي في نهاية المطاف إلى خلق سرديّة
متجددة حولها وحول علاقتنا بالذكرى الظاهرة فيها؛ ومن هنا
يتأتى فعل الجلوس مع صورة العائلة بوصفه ضرورة للاستكشاف
والانعكاس الذاتيّ - وللتشافي كنتيجة نهائية حتميّة
.بما يمنحنا هذا الفعل من قدرة على التوحّد مع جوهر العائلة
،في هذه الأوقات اللعينة التي يمر بها العالم العربي
والظروف القاسية التي يُجبَر الفلسطينيون على خوضها وحدهم
في ظل ممارسات الإبادة بغزة، ومع محاولات المستعمر المستمرة
للإقصاء والإزالة، نكرّس بحثنا نحو ترسيخ الذاكرة والأثر الفلسطيني
من خلال أرشيف العائلة الفلسطينية، إلى جانب النظر في أرشيفنا
العائلي الشخصي والأعمال الأدبية والفنية ذات العلاقة؛
ذلك أن الاتصال بصورة العائلة من جوانب
،متعددة هو أيضًا وسيلة أساسية للمواجدة مع الآخر
.ومحاولة رؤية العالم من خلاله
نصوص شعريّة: مختارات
(1)
،مقطع: قصيدة لا وقت يناسب الأهل
(شذرات من صلوات رامبو)
.لعبد الله الناصر، شاعر سعودي صدرت له مجموعتان شعريتان
.لسنا أسوياء بما يكفي لتعليق صورة الجد
.لقد عمّدتنا القسوة. طاردنا الأسلاف كي نلبس نظارة الحنان
أرهقنا امتداح القمح وكسرتنا هشاشة المواليد
قضينا الأيام والأحلام ونحن ندخن أرواحنا سرًا
في دورات المياه
.الوقت متأخر جداً لنحبّ الرحيق
الوقت متأخر جداً لنسقي الجذور المحروسة بالسيف
وخوف السيد العظيم
.الوقت متأخرٌ ولن يأتي وقت يناسب العائلة
لا نعرف أبًا، نحن الذين ظللنا طويلاً نكتب، وظل الناس يهربون
.من ظلالنا الشائخة
ولدنا بسيقان طويلة في (غابات قزمة)
.لم نرد إيذاء أحد. لكننا كل مرة نفسد كل شيء
لم نكن نحسن إلا المشي. ومن كثرة المشي صارت لنا أكبادٌ قاسيةٌ وحظوظٌ ضامرة صالحةٌ للسفر
.الوقت متأخر جداً لنحبّ
الشجرة أبداً لن تفهم أن المشي هو الجذر، والعائلة لن تفهم
.أن المشي هو الأهل
(2)
أدناه قصيدة (أغنية لولدي) مكتوبة بخط اليد عام 1980م
لشكيب جهشان، شاعر فلسطيني صدرت له عدة
.مجموعات شعرية
(3)
مصعب أبو توهة، شاعر من غزة، صدر له ديوان "أشياء قد تجدها مخبأة في أذني: قصائد من غزة" عن الإنجليزية، (2022)
أدناه قصيدة للشاعر عن تجربة المنفى والفقد والحلم
.الفلسطيني الممتد للعودة إلى الأرض / البيت
*
My Grandfather and Home
MOSAB ABU TOHA
I
My grandfather used to count the days for return with his fingers
He then used stones to count
Not enough
He used the clouds, birds, people
Absence turned out to be too long
Thirty-six years until he died.
For us now it is over seventy years,
My grandpa lost his memory
He forgot the number of people
He forgot home.
II
I wish I were with you Grandpa
I would have taught myself to write you poems
Volumes of them and paint our home for you
I would have sewn you from soil
A garment decorated with plants
and trees you had grown.
I would have made you
Perfume from the oranges,
and soap from the sky’s tears of joy.
Couldn’t think of something purer
III
I go to the cemetery every day
I look for your grave but in vain,
are they sure they buried you
or did you turn into a tree?
or perhaps you flew with a bird to the nowhere.
IV
I place your photo in an earthenware pot,
I water it every Monday and Thursday at sunset
I was told you used to fast those days
in Ramadan, I water it every day
for thirty days
or less or more.
V
How big do you want our home to be?
I can continue to write poems until you are satisfied
If you wish I can annex a neighboring planet or two.
VI
For this home, I shall not draw boundaries
No punctuation marks.
أدب رسائل العائلة
صور لمجموعة رسائل متبادلة بين أفراد عائلة القاسم الفلسطينية في
.السبعينيات، منتقاة من أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي
(1)
بطاقة تحوي رسالة إلى عمر القاسم من شقيقته آمال، 21 أيلول 1976
(2)
بطاقة ملونة تحوي رسالة مؤرخة في 21 أيلول 1976، أرسلها عمر القاسم إلى شقيقته آمال، عندما كان معتقلًا في إحدى سجون الاحتلال الإسرائيلي
(3)
رسالة مرسلة من حسين مهنا إلى ابنته نوال أثناء فترة اعتقاله في السجون الإسرائيلية عام 1978، وذلك بسبب رفضه المشاركة في الجيش الاحتياطي الإسرائيلي في حرب أكتوبر عام 1973
مكتبة
،لهذه النشرة
نوصي بقراءة ديوان ألبوم العائلة يليه العابر في منظر ليلّي
،لإدوارد هوبر لبسام حجار (2003)، شاعر وكاتب من لبنان
،يحوي مجموعة قصائد متنوعة تدور معظمها حول ثيمة العائلة
،الفقد والصورة الفوتوغرافيّة بوصفها ملجأ للذاكرة
يرثي الشاعر من خلالها ذاته وخسارته المتمثلة
.في موت والده
فيما يلي مقاطع مختارة من عدة قصائد
1
لم أجدني في ألبوم العائلة
حين قال أحدهم هاتوه من الصندوق
وراح آخر يمسح الغبار والنسيان عن جلده
2
كان ألبوم العائلة مقفلًا
مهملًا
على الطاولة
وكانت بقربه، مغمضة العينين
مبتسمة
وكنت هناك
.ولم أكن وحدي
3
صورته
،بالقلبق الفرو
جعلتها قبالة الأريكة
المطمئنة إلى مخملها النبيذي
،لكي تحادثه
،أحيانًا
،بين التكايا المطرّزة برفق
وهي ترفو قمصانه
ومناديله الناصعة
وسأم اليوم الذي
كان يومًا
ذات يوم
4
الناجون لم يرجعوا من رحلتهم
والذين لم تُكتَب لهم نجاة
،مثُلت صورهم، كثيرةً
على جدران الغرف
وسكملات الخشب المطعّم
وفي ألبومات العائلة
لم يرجع الناجون من رحلتهم
،لم تكن صورهم، كثيرة
على جدران الغرف
وفي ألبومات العائلة
،كانت العتبات
وراءهم، مغمورة بالمياه
5
:قالت لها
أنزلي الصورة عن الجدار
وامسحي زجاجها برفق
بالقماشة الحرير الّتي في الخزانة
والإطار
وانتبهي إلى ثنية الياقة وربطة العنق
ورطبي شفتيه
وشعره بالماء بالبارد
ضعيها على الكنبة، في صدر الدار، قليلًا
وافتحي الباب
فالطقس جميل
6
جفّت عيناي
لفرط ما أبصرتا جفافًا
جفّت عيناي
كل هذا جفاف
:قالت
هات الصورة من الخزانة
واجلس بقربي
واحكِ لي
ما كان
ذات يوم
ثم
،أعدها، تلك الصور
إلى الخزانة
واحفظها بين أثوابي وقمصاني وغلّالاتي
ومناديلي
،واذهب، إذا شئتَ
وأغلق الباب وراءك
أو ابقَ، إن شئت، بقربي
.أريد الآن أن أنام
7
منذ عام لم تكن الصورة قد أصبحت قديمة بعد
كانت منار في عامها الأول
وكان الرجل الذي كنته في عامه الأخير
وكانت كلّ سماء صافيةً
وكلّ نهار مشرقًا
وكان للرجل متّسع من الوقت لكي يقبّل قدم
،ابنته الصغيرة
:يقول لها قبل أن تغفو
أحبّك
سينما
الرجعة عَ بانياس، 2016
فيلم وثائقي قصير للمخرج عيسى غريّب، وهو فنان بصري فلسطيني
من القدس، يستعمل في ممارسته الفنيّة مزيج من الوسائط، من بينها
الفوتوغرافيا الصور المتحركة والأعمال التركيبية. يطرح الفيلم بشكل أساسي
تساؤلات حول "الطقوس المتلاشية في التعامل مع الصور الفوتوغرافية
واستخدامها كمادة خام، تمكّن صاحب الصورة من إضافةِ نصوص توثيقية
".على ظهر الصورة ما كانَ شائعًا قديمًا في فلسطين كما العالم
Radiograph of a Family, 2020
فيلم وثائقي طويل تُوثّق فيه المخرجة الإيرانية فروغ كوسرفاني تاريخ الثورة
الإسلامية في إيران سنة ١٩٧٩ من خلال قصة ارتباط والديها وحياتهما
الشخصية، حيث تعكس علاقتهما المتوترة نتيجة الاختلافات الفكرية
التوترات القائمة آنذاك في المجتمع الإيراني بين قيم الحداثة والتزمّت الديني.
استخدمت فروغ الأرشيف الفوتوغرافي للعائلة لصناعة هذا الفيلم و وظّفت
أسلوب سردي غير تقليدي باستعمال كولاج الصور والفيديوهات المقتطعة
من أفلام مؤرشفة تُوثّق الحالة المجتمعية والسياسية في تلك الفترة.
أرشيف العائلات الفلسطينية
أدناه مجموعة صور عائلية مختارة لعائلات فلسطينية مختلفة، يعود
تأريخها إلى نهايات القرن العشرين، ومصدرها أرشيف المتحف
.الفلسطيني الرقمي
عائلة عدنان محمود القاسم، عمان، آب 1980
يظهر في الصورة عائلة عدنان محمود القاسم في منزلهم
في عمان، كان قد أرسلها عدنان لأخيه عمر القاسم وهو في معتقل
.في سجون الاحتلال الإسرائيلي
أفراد من عائلة الشلبي، ستينيات القرن العشرين
صورة يظهر فيها أفراد من عائلة الشلبي وقد عرف منهم علي (الأول من اليمين)
وبجانبه خديجة وعائشة وفاطمة عام 1960
أفراد من عائلة القاسم في منزلهم في حي الشيخ جراح، القدس
صورة مُلتَقطة في ستينيات القرن العشرين لأبو إبراهيم القاسم وزوجته
.وأبنائهما ووالدته فاطمة الشلبي (أقصى اليسار)، وذلك من داخل منزله
فاطمة الشلبي برفقة أبنائها، القدس، خمسينيات القرن العشرين
صورة لفاطمة الشلبي (والدة عمر القاسم) برفقة أبنائها في حديقة منزلهم
.في حي الشيخ جراح بمدينة القدس
إيمي عرنكي وطفلها سهيل وشقيقتها أسما، اللد والرملة، 1945
صورة عائلية، وجدت ضمن مجموعة عبلة عرنكي الأرشيفية، وفيها من اليمين؛
،الطفل سهيل عرنكي تحمله والدته إيمي موسى عرنكي
ومن اليسار؛ تجلس شقيقتها أسما
تم إلتقاطها في منطقة بين مدينتي اللُد والرملة بمحاذاة سكة الحديد؛
.حيث كان والد عبلة يعمل ضمن الطاقم الإداري الخاص بسكة الحديد
أفراد من عائلة القاسم، القدس، ثمانينيات القرن العشرين
،صورة لأفراد من عائلة الشهيد عمر القاسم يجلسون في منزل العائلة في القدس
،وقد عُرف منهم آمال القاسم، التي تحمل ابنها الرضيع كرمل
،ووالدها محمود القاسم، وشقيقتها حنان التي تحمل ابنها الرضيع ميلاد
.بجانبها زوجها خالد العجرمي، وثلاثة أطفال آخرين
أفراد من عائلة القاسم، سبعينيات القرن العشرين
صورة تجمع أفراد من عائلة القاسم، عُرف منهم محمود القاسم (والد عمر القاسم) وزوجته فاطمة الشلبي
.ومعتز وعائشة القاسم، ومجموعة من الأطفال
الشقيقات آمال وآمنة وحنان القاسم، القدس، 25 تشرين الأول 1962
صورة للشقيقات الثلاثة آمنة وآمال وحنان القاسم
.(شقيقات عمر القاسم) في القدس
أعمال يدوية لعمر القاسم أثناء أسره في سجون الاحتلال الإسرائيلي
.في الثمانينات، مرسلة لعائلته وشقيقتيه آمال وإيمان
أرشيف شخصي: صور عائلية
أعمال وتوليفات منسوجة من الأرشيف الشخصي لعائلاتنا، نخلق
.ونستكشف من خلالها سردياتنا الخاصة لما تمثله الصورة العائلية
صورة عائلية، كولاج صور
رؤى مفرح - 2022
فوتوغرافيا العائلة والبيت، صور/فيلم/زجاج
رؤى مفرح - 2024
صورة فوتوغرافية مُلتقطَة لوالدي يظهر عليها من الخلف إهداء لأخيه، غير مؤرخة
رؤى مفرح، 2024
قصيدة عن والدي، كولاج نصوص وصورة فوتوغرافية عائلية
شيماء صالح - 2022
صور فوتوغرافية عائلية، أقمشة وخيوط ونصوص
شيماء صالح - 2024
شاركونا بناء أرشيف جماعي لصورة العائلة
ارسل/ي صورتك مع إرفاق الوصف عبر الإيميل
،أو الرسائل الخاصة في حسابنا
لعرضها في ملحق النشرة
على صعيدٍ آخر
حي الروضة، جدة ،Family Portrait Studio ستديو العائلة
في وقتنا الحاضر، تفتقد استديوهات التصوير التي لا زالت قائمة
،في شوارعنا إلى مكانتها القديمة في توثيق حيواتنا بصفة ملموسة
.فأصبحت مجرد أداة وظيفية لاتمام وثائقنا الرسميّة
نود من خلال الإشارة لهذا الاستديو إعادة إحياء الطقوس
والقيمة العاطفيّة لستديوهات التصوير، وندعوكم إلى زيارة
.ستديو التصوير في حيّكم وإلتقاط صورة مع من تحبون
قائمة المراجع
أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي
(1980) الغرفة المضيئة: تأملات حول الفوتوغرافيا، رولان بارت
Photography and the construction of family and memory, Sahika Erkonan (2016)